تقرير دوتوكفيل حول الجزائر

الإهداءات
  • اسماء نوار اسماء نوار:
    السلام عليكم كيف حالكم
  • حفصة باندي حفصة باندي:
    السلام عليكم
  • لطيفة عروس لطيفة عروس:
    مساء الخير
  • ليلى بن ميلود ليلى بن ميلود:
    Welcome to all visitors
  • ايمان جلال ايمان جلال:
    صباح الخير
  • لطيفة عروس لطيفة عروس:
    كل عام وانتم بخير
  • راضية الجزائري راضية الجزائري:
    السلام عليكم
  • راضية الجزائري راضية الجزائري:
    عيدكم مبارك
  • رمال هامل رمال هامل:
    عيد سعيد
  • حكيمة جلالي حكيمة جلالي:
    عيدكم مبارك سعيد
  • Hassouni Mohamed Hassouni Mohamed:
    كل عام وانتم بخير
  • Hassouni Mohamed Hassouni Mohamed:
    عيدكم مبارك وكل عام وانتم بألف خير
  • شريفة شريفة:
    عيدكم مبارك سعيد مسبقا
  • جواهر جواهر:
    اللهم لا تختم رمضان إلا وقد رفعت أسمائنا و والدينا ومن نحب في صحائف العتقاء من النار🤲

سكينة ضاوي

عـــضو برونزي
المشاركات
695
مستوى التفاعل
66
النقاط
28
لدوتوكفيل أحد أقطاب الليبرالية الغربية، وصاحب الكتاب المرجعي عن «الديمقراطية في أمريكا» وتشريح «النظام القديم» لفرنسا، والنائب البرلماني الليبرالي، كتيب صغير حول الجزائر، هو بمثابة تقرير صدر سنة 1841، ومعارك المقاومة على أشُدّها، في ركاب الأمير عبد القادر، بعد زيارة ميدانية قام بها ألكسيس دوتوكفيل للجزائر سنة 1840، والتقى بأقطاب فرنسا العسكريين، وعاين الوضع، وحرّر تقريرا هو بمثابة خطاطة لما ينبغي القيام به بعد احتلال الجزائر. عنوان التقرير «العمل على الجزائر» ويكاد هذا العمل أن يُطمر في سيرة قطب من أقطاب الفكر الليبرالي، لأنه لا شيء من الليبرالية عنده في التعامل مع الآخر من المُحمديين. وهو تعبير قدحي كان يستعمله الغربيون ضد المسلمين.
احتلال الجزائر من قِبل فرنسا، مسألة وجودية، يقول دوتوكفيل في مستهل عمله، ولا يمكن لفرنسا التخلي عن مشروعها في الجزائر، ذلك أن فرنسا «لو تخلت عن الجزائر فلا يمكنها أن تفعل، إلا إن هي اضطلعت بأعمال جليلة في أوروبا، وليس في زمن كما زماننا، حيث تتدحرج إلى مرتبة ثانية، وتبدو وكأنها استكانت كي تترك لآخرين قيادة شؤون أوروبا». يُقر دوتوكفيل بالصعوبات التي تكتنف عملية الاحتلال، ولكنها صعوبات عادية، ينبغي أن لا تُثني فرنسا من مقاومة «بعض القبال البربرية (الهمجية) ممن يسكنون الجزائر» إذ لو قبلت فرنسا أن تظل في حدوها الطبيعية فإن ذلك مؤذن بخرابها، بتعبير ابن خلدون، أو بتعبير دوتوكفيل: «ستتكون الأيام الغُر حينها وراءها (فرنسا) وستدخل مرحلة الاضمحلال». المسألة إذن مرتبطة بعظمة فرنسا.

احتلال الجزائر من قِبل فرنسا، مسألة وجودية، يقول دوتوكفيل في مستهل عمله، ولا يمكن لفرنسا التخلي عن مشروعها في الجزائر

أما أسلوب الاحتلال، فهو مزيج من أمرين، الأول هو الاحتلال، وإدارة شؤون الجزائر، مع التأرجح بين طريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهو أسلوب البريطانيين في الهند، وهي طريقة لا يُقرها دوتوكفيل وينادي بالحكم المباشر، أما الأمر الثاني الذي لا مندوحة عنه وهو الاستيطان، وبتعبيره «استبدال الساكنة القديمة بالعرق المحتل» أي القضاء عليها عمليا، استعمل دوتوكفيل كلمة استبدال remplacer وليس التعايش. يرفض دوتوكفيل بشكل قاطع الرؤى التي كانت تدفع إلى أن يحتل الفرنسيون الجزائر من دون أن يستوطنوها. «ينبغي أن نقر بأنه لو لم نكن نريد سوى الاحتلال، فلسوف تسهل علينا عملية السيطرة، ذلك أن ما يدفع العرب كي يضعوا أيديهم على الزناد، هو أننا نأتي لنجردهم من ممتلكاتهم، ونسلبهم آجلا أم عاجلا ما ورثوه عن أجدادهم. فلو أننا من حيث المبدأ، قلنا وبثثنا في النفوس أننا لا نتوخى سوى الحكم وليس الأراضي، لوجدنا لربما بعض اليسر، كي يتم الاعتراف بسلطتنا. هذه المرحلة انتهت. إني لأؤمن إيمانا راسخا لو أن فرنسا تتخلى حاليا عن الاستيطان، فلن يتم التصدي لهيمنتها، ولسوف يتم قبولها ولكنها ستظل هيمنة غير مجدية وغير قارة improductive et précaire . لسوف يأتي يوم تبسط فيه فرنسا سيطرتها على العرب، وتفرض عليهم الإتاوات، لكن السيطرة على العرب ستكون مكلفة، للطبيعة الاجتماعية لهذا الشعب، ونظام قبائله، وحياة الترحال التي دأب عليها، وهو ما يتطلب جهودا كبيرة ونفقات جمة، من أجل إخضاع تلك المجتمعات في سيطرة لن تكتمل البتة، ويمكن لأول أزمة أن ينحل النظام الذي أرسته القوة المحتلة، ولذلك فالحل هو مزيج من احتلال كلي، واستيطان جزئي». يتعين إذن تفكيك طبيعة تلك التنظيمات، وإلا فلن يكون لاستقرار فرنسا في افريقيا أي مستقبل. «لسوف تتحلل (الهيمنة الفرنسية) رويدا رويدا بالنظر لعداء الأهالي المستمر، أو لسوف ينهار بجهد هؤلاء الأهالي ممن قد يجدون المدد من سلطة مسيحية. الفكرة الجامعة، لهذه القبائل التي يمكنها أن تؤلف بينهم ضد الاحتلال هي الدين». لذلك يتعين خنقها اقتصاديا، بمنعها من الاتجار بإغلاق المنافذ البحرية عليها، ذلك أنه «حتى لو كانت للعرب حاجات أقل من حاجات الأمم الأوروبية المتمدنة، فمن الخطأ الاعتقاد أن حاجاتهم لا تفْضُل عن الهمج».
الخنق الاقتصادي وحده لا يكفي، لابد من السيطرة، عن طريق المواجهة، أو ما سماه دوتوكفيل في عنوان فرعي في تقريره «أي نوع من الحروب يمكن وينبغي أن نشنها على العرب؟». يقر دوتوكفيل بأن الطريقة التي تتم بها الحرب على العرب همجية، أو بتعبيره: نحاربهم بهمجية أكبر من همجيتهم، والحال أنه في الوضع الراهن فالتحضر يوجد في جانبهم. أفضل أن أنقل الجملة كما وردت بالفرنسية، لأنها بيت القصيد في التقرير: Nous faisons la guerre d’une manière beaucoup plus barbare que les Arabes eux-mêmes. C’est, quant à présent, de leur côté que la civilisation se rencontre يأسف دوتوكفل لذلك، ولكنه يقره، ذلك أن رجالا من فرنسا يحترمهم، يرون شائنا أن تُحرق المحاصيل، وتُتلف مطامير القمح، ويتم التعرض للرجال من غير سلاح، والنساء والأطفال، ولكن دوتوكفيل لا يقرهم على هذا الرأي. ويقول بلا مواربة: «إن (تلك العمليات) من جانبي، ضرورات تثير الغضب، ولكن لا مندوحة عنها لشعب يشن الحرب على العرب، ولا مناص من اللجوء إليها. وإذ وجب أن أدلي برأيي، فتلك الأفعال لا تثير حفيظتي، مما تجيزه أعمال الحرب، ومما وقع في حروب أوروبا، فكيف أن يكون مريعا حرق المحاصيل، وأسْر النساء والأطفال» وإذا لم يكن يتم اللجوء إلى حرق المحاصيل في أوروبا، ولا يتم أسر إلا الجنود، فلأن طبيعة الحرب مختلفة، لأنها تتم مع حكومات (في أوروبا) وليس شعوبا. والنتيجة التي يخلص لها دوتوكفيل أن جميع الوسائل من أجل قطع دابر القبائل ينبغي استعمالها، ولذلك بعد منع التجارة، ينبغي تدمير البلد، وهو يقول: «أظن أن قانون الحرب يسمح لنا بتدمير البلد، وينبغي أن نفعل بإتلاف المحاصيل أثناء الجني، وكذلك في كل وقت، من خلال عمليات الغزو والسلب، من أجل وضع اليد على الرجال والقطعان».
الجانب الثاني من التقرير، يهُم الجنود الفرنسيين وضرورة تحسين أوضاعهم المادية، وسبل تجنيبهم الأمراض، وإقامة المشافي، وضروب الإغراء لاستبقائهم من خلال عمل ثلاثي للمؤسسة العسكرية والكنسية والمستوطنين، ويظهر فيه جليا حس دوتوكفيل الإنساني والليبرالي. أما «الأغيار من المحمديين» فلا بواكي عليهم.
 
أعلى