- المشاركات
- 15
- مستوى التفاعل
- 3
- النقاط
- 1
بحث حول حركات التحرر في الجزائر اعداد الباحث حسوني محمد عبد الغني
بحث أكاديمي حول حركات التحرر في الجزائر
المقدمة:
تُعتبر الجزائر من أبرز البلدان في شمال إفريقيا التي خاضت نضالًا طويلًا ضد الاستعمار الفرنسي، الذي استمر لمدة 132 عامًا (1830-1962). بدأ هذا النضال منذ الأيام الأولى للاحتلال الفرنسي، حيث أظهرت الجزائر مقاومة عنيفة وشجاعة شديدة عبر الأجيال المختلفة من الشعب الجزائري. تطور هذا النضال ليشمل حركات سياسية، ثقافية، واجتماعية مقاومة للاحتلال، وأدى إلى قيام الثورة الكبرى التي انتهت بتحقيق استقلال الجزائر في عام 1962.
إن حركات التحرر في الجزائر ليست مجرد قصص عن ثورات عسكرية، بل هي أيضًا تاريخ طويل من الصراع المستمر من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية، الدينية، والثقافية في مواجهة قوى استعمارية حاولت فرض هويتها وثقافتها على الشعب الجزائري. هذه الحركات تتنوع في شكلها وأهدافها، بدءًا من المقاومة المسلحة المحلية وصولًا إلى الثورة الوطنية الكبرى التي اجتاحت البلاد في منتصف القرن العشرين.
يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على الحركات الوطنية الجزائرية منذ بدايات مقاومة الاحتلال الفرنسي، مرورًا بمراحل تطوير العمل السياسي الوطني، وصولًا إلى ثورة التحرير الجزائرية، ثم إلى مرحلة الاستقلال وما تلاها من نتائج وتحديات. سيتم دراسة هذه الحركات في إطار تاريخي دقيق، مع التركيز على المراحل المختلفة التي مر بها الشعب الجزائري في رحلته نحو التحرر والاستقلال.
المبحث الأول: بداية المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي
المطلب الأول: أسباب مقاومة الاستعمار الفرنسي
تعود أسباب مقاومة الاستعمار الفرنسي في الجزائر إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فمنذ وصول القوات الفرنسية إلى الجزائر عام 1830، تم استغلال الموارد الطبيعية في البلاد بشكل غير عادل لصالح فرنسا. فقد تم تجريد الشعب الجزائري من أراضيه وثرواته، بينما تم تدمير العديد من الأنسجة الاجتماعية والسياسية التي كانت قائمة. إلى جانب ذلك، قامت فرنسا بتطبيق قوانين استثنائية كانت تهدف إلى تقليص حقوق الجزائريين ومنحها للمستعمرين الأوروبيين. هذا الظلم الاجتماعي والسياسي كان بمثابة الشرارة الأولى للمقاومة. كما أن الشعب الجزائري واجه محاولات منهجية لطمس هويته الثقافية والدينية، مما دفعه إلى مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل المتاحة.
المطلب الثاني: المقاومة الشعبية في بداية الاستعمار
كانت بداية مقاومة الاحتلال الفرنسي تتمثل في الثورات الشعبية التي قادها قادة محليون. من أبرز هؤلاء القادة كان أمير عبد القادر الذي قاد مقاومة فعالة ضد الفرنسيين في منطقة الغرب الجزائري. انطلقت مقاومة عبد القادر عام 1832، حيث أسس جيشًا من الجزائريين لمواجهة الاحتلال الفرنسي. على الرغم من تمكن الفرنسيين من هزيمة هذه المقاومة في نهاية المطاف، إلا أن هذا الصراع كان نقطة تحول في وعي الشعب الجزائري وأدى إلى استمرارية المقاومة في الأجيال القادمة.
أما في مناطق أخرى من الجزائر، فقد ظهرت مقاومات محلية أخرى تحت قيادة قادة مثل الشيخ بوعمامة الذي قاد المقاومة في الصحراء الجزائرية. كانت هذه الحركات بمثابة ردة فعل ضد فرض الهيمنة الاستعمارية، وبذلت جهداً متواصلاً للتصدي لفرنسا على مدار العقود الأولى من الاحتلال.
المطلب الثالث: ثورات الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي
لم تكن المقاومة الجزائرية مقتصرة على منطقة معينة فقط، بل امتدت لتشمل جميع أنحاء البلاد. فكانت ثورات عديدة تندلع بين الحين والآخر ضد القوات الاستعمارية. لم تقتصر هذه الثورات على الجوانب العسكرية، بل امتدت إلى جميع طبقات المجتمع الجزائري، من الفلاحين إلى الحرفيين والمثقفين، مما يعكس طابع المقاومة الشعبية الواسعة ضد الاحتلال الفرنسي. وعلى الرغم من أن هذه الثورات كانت تنتهي في كثير من الأحيان بالفشل أمام القوة العسكرية الفرنسية، إلا أنها كانت تساهم في توعية الشعب الجزائري وتعزيز ثقافة المقاومة المستمرة.
المبحث الثاني: الحركات الوطنية وتطور المقاومة
المطلب الأول: ظهور الحركات الوطنية في بداية القرن العشرين
مع بداية القرن العشرين، بدأت تظهر في الجزائر حركات وطنية تهدف إلى مناهضة الاستعمار الفرنسي، كان من أبرز هذه الحركات حركة الإصلاحات التي أسسها بعض المفكرين الجزائريين مثل فرحات عباس و الشيخ عبد الحميد بن باديس. كانت هذه الحركات تسعى إلى نشر الوعي الوطني بين الجزائريين وتوحيد جهودهم من أجل الحصول على حقوقهم السياسية والاجتماعية. قام الإصلاحيون الجزائريون بالضغط على السلطات الفرنسية من أجل منح الجزائريين حقوقًا أكثر في مجال التعليم والحريات الشخصية.
كما ظهرت حركة حزب الشعب الجزائري الذي أسسه مصالي الحاج في عام 1937، والتي كانت تهدف إلى تعزيز مطالب الشعب الجزائري في تحقيق الاستقلال والحقوق السياسية. لقد كانت هذه الحركات بداية لتشكيل الهوية الوطنية الجزائرية على الصعيد السياسي والثقافي.
المطلب الثاني: إضراب 8 مايو 1945
شهدت الجزائر في 8 مايو 1945 حدثًا مهمًا تمثل في تنظيم إضراب عام للمطالبة بالحريات السياسية والاجتماعية. ولكن الرد الفرنسي كان قاسيًا للغاية، حيث قامت القوات الاستعمارية بقتل الآلاف من الجزائريين في ما عُرف بـ مجزرة 8 مايو 1945. هذه المجزرة كانت بمثابة نقطة تحول فارقة في الحركة الوطنية الجزائرية، حيث تحولت المطالب السلمية إلى مطالب مسلحة. نتيجة لهذا، ازداد الاستياء في صفوف الجزائريين وبدأت الدعوات تتزايد نحو تبني العمل الثوري المسلح ضد الاحتلال الفرنسي.
المطلب الثالث: تأسيس جبهة التحرير الوطني (FLN)
في 1 نوفمبر 1954، تم تأسيس جبهة التحرير الوطني (FLN) كأداة رئيسية لتنظيم الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي. كان هذا التحول في شكل المقاومة خطوة هامة نحو وحدة العمل الوطني بين مختلف القوى السياسية. تبنت جبهة التحرير الوطني الكفاح المسلح كأسلوب رئيسي، بالإضافة إلى الحشد السياسي والإعلامي على الساحة الدولية لنقل قضية الجزائر إلى العالم. وكانت هذه المرحلة بداية لثورة حقيقية تهدف إلى التحرر من الاستعمار الفرنسي.
المبحث الثالث: ثورة التحرير الكبرى 1954-1962
المطلب الأول: بداية ثورة التحرير
بدأت ثورة التحرير الجزائرية في 1 نوفمبر 1954، عندما شنَّت جبهة التحرير الوطني هجمات مسلحة في مختلف أنحاء الجزائر ضد القوات الفرنسية. كانت بداية الثورة محدودة، ولكنها سرعان ما توسعت لتشمل جميع المناطق الجزائرية. كانت جبهة التحرير تهدف إلى تحرير البلاد بشكل كامل من الاستعمار الفرنسي، وتحقيق استقلال الجزائر.
المطلب الثاني: الدعم الدولي للثورة الجزائرية
نظراً لما كانت تحققه الثورة من نجاحات على الأرض، حصلت جبهة التحرير الوطني على دعم سياسي ودبلوماسي من عدة دول، وخاصة من مصر و جمال عبد الناصر، التي قدَّمت الدعم العسكري والمالي للثوار. كما كانت الثورة الجزائرية مصدر إلهام للعديد من الحركات التحررية في مختلف أنحاء العالم.
المطلب الثالث: معركة الجزائر (1956-1957)
تعتبر معركة الجزائر من أبرز المراحل في الثورة الجزائرية. خلال هذه المعركة، خاضت جبهة التحرير الوطني معركة ضارية ضد القوات الفرنسية في الجزائر العاصمة. اعتمدت الجبهة أساليب حرب العصابات في مواجهة الجيش الفرنسي، وكان لهذه المعركة تأثير كبير في تعزيز القضية الجزائرية في المحافل الدولية، حيث أظهرت قدرة الشعب الجزائري على مقاومة الاحتلال باستخدام أساليب غير تقليدية.
المطلب الرابع: اتفاقيات إيفيان 1962
بعد سنوات من المقاومة المستمرة والضغوط الدولية على فرنسا، تم توقيع اتفاقيات إيفيان في 18 مارس 1962، التي اعترفت بحق الجزائر في الاستقلال. وفي 5 يوليو 1962، تم تنظيم استفتاء الاستقلال، الذي أسفر عن نتيجة مؤكدة بأن الجزائر قد حصلت على استقلالها بعد 132 عامًا من الاحتلال.
المبحث الرابع: نتائج حركات التحرر في الجزائر
المطلب الأول: الاستقلال السياسي والاقتصادي
أسفر الكفاح الطويل للشعب الجزائري عن تحقيق الاستقلال في 1962، مما جعل الجزائر دولة ذات سيادة بعد عقود من الاحتلال. كما أصبحت الجزائر جزءًا من الدول المستقلة في شمال إفريقيا، وبدأت عملية بناء الدولة الجديدة التي تواجه العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
المطلب الثاني: التأثير على الحركات التحررية العالمية
كانت الثورة الجزائرية مصدر إلهام للعديد من الحركات التحررية في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث أظهرت قدرة الشعب على مقاومة القوى الاستعمارية الكبرى من خلال الصمود والصبر والتنظيم العسكري الفعال.
المطلب الثالث: التحديات التي واجهت الجزائر بعد الاستقلال
رغم الاستقلال، واجهت الجزائر تحديات كبيرة مثل إعادة بناء الاقتصاد الوطني وتطوير البنية التحتية. كما برزت تحديات في المجال السياسي، حيث ظهرت انقسامات بين الفصائل السياسية المختلفة، مما أثر في الاستقرار الداخلي للبلاد.
الخاتمة:
تمثل حركات التحرر في الجزائر رمزًا للنضال الطويل ضد الاستعمار الفرنسي. من البداية مع مقاومة الأمير عبد القادر، مرورًا بثورة التحرير الكبرى، وصولًا إلى الاستقلال في 1962، أثبت الشعب الجزائري عزيمته وإصراره على تحرير وطنه. هذه الحركات التحررية لم تقتصر على كفاح عسكري فقط، بل كانت أيضًا مناهضة للظلم الاجتماعي والسياسي. وبذلك، فإن الجزائر تظل مثالًا حيًا على قوة المقاومة وعزيمة الشعوب في وجه القوى الاستعمارية.
المصادر:
بن يوسف، عبد الله، الحركات الوطنية الجزائرية: من مقاومة الاحتلال إلى الثورة، دار الفاتح، 2007.
عبد الله، محمد، ثورة الجزائر 1954-1962: التاريخ والأبعاد السياسية، مركز دراسات الشرق الأوسط، 2015.
فهد، سعيد، الجزائر: من الاحتلال إلى الاستقلال، مكتبة نهضة الشرق، 2010.
سالم، عادل، مقاومة الشعب الجزائري للاستعمار الفرنسي: دراسة تاريخية، دار المدى، 2018.
ياسين، جمال، اتفاقيات إيفيان: الطريق إلى الاستقلال الجزائري، مؤسسة الجسر الثقافي، 2012.
بحث أكاديمي حول حركات التحرر في الجزائر
المقدمة:
تُعتبر الجزائر من أبرز البلدان في شمال إفريقيا التي خاضت نضالًا طويلًا ضد الاستعمار الفرنسي، الذي استمر لمدة 132 عامًا (1830-1962). بدأ هذا النضال منذ الأيام الأولى للاحتلال الفرنسي، حيث أظهرت الجزائر مقاومة عنيفة وشجاعة شديدة عبر الأجيال المختلفة من الشعب الجزائري. تطور هذا النضال ليشمل حركات سياسية، ثقافية، واجتماعية مقاومة للاحتلال، وأدى إلى قيام الثورة الكبرى التي انتهت بتحقيق استقلال الجزائر في عام 1962.
إن حركات التحرر في الجزائر ليست مجرد قصص عن ثورات عسكرية، بل هي أيضًا تاريخ طويل من الصراع المستمر من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية، الدينية، والثقافية في مواجهة قوى استعمارية حاولت فرض هويتها وثقافتها على الشعب الجزائري. هذه الحركات تتنوع في شكلها وأهدافها، بدءًا من المقاومة المسلحة المحلية وصولًا إلى الثورة الوطنية الكبرى التي اجتاحت البلاد في منتصف القرن العشرين.
يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على الحركات الوطنية الجزائرية منذ بدايات مقاومة الاحتلال الفرنسي، مرورًا بمراحل تطوير العمل السياسي الوطني، وصولًا إلى ثورة التحرير الجزائرية، ثم إلى مرحلة الاستقلال وما تلاها من نتائج وتحديات. سيتم دراسة هذه الحركات في إطار تاريخي دقيق، مع التركيز على المراحل المختلفة التي مر بها الشعب الجزائري في رحلته نحو التحرر والاستقلال.
المبحث الأول: بداية المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي
المطلب الأول: أسباب مقاومة الاستعمار الفرنسي
تعود أسباب مقاومة الاستعمار الفرنسي في الجزائر إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فمنذ وصول القوات الفرنسية إلى الجزائر عام 1830، تم استغلال الموارد الطبيعية في البلاد بشكل غير عادل لصالح فرنسا. فقد تم تجريد الشعب الجزائري من أراضيه وثرواته، بينما تم تدمير العديد من الأنسجة الاجتماعية والسياسية التي كانت قائمة. إلى جانب ذلك، قامت فرنسا بتطبيق قوانين استثنائية كانت تهدف إلى تقليص حقوق الجزائريين ومنحها للمستعمرين الأوروبيين. هذا الظلم الاجتماعي والسياسي كان بمثابة الشرارة الأولى للمقاومة. كما أن الشعب الجزائري واجه محاولات منهجية لطمس هويته الثقافية والدينية، مما دفعه إلى مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل المتاحة.
المطلب الثاني: المقاومة الشعبية في بداية الاستعمار
كانت بداية مقاومة الاحتلال الفرنسي تتمثل في الثورات الشعبية التي قادها قادة محليون. من أبرز هؤلاء القادة كان أمير عبد القادر الذي قاد مقاومة فعالة ضد الفرنسيين في منطقة الغرب الجزائري. انطلقت مقاومة عبد القادر عام 1832، حيث أسس جيشًا من الجزائريين لمواجهة الاحتلال الفرنسي. على الرغم من تمكن الفرنسيين من هزيمة هذه المقاومة في نهاية المطاف، إلا أن هذا الصراع كان نقطة تحول في وعي الشعب الجزائري وأدى إلى استمرارية المقاومة في الأجيال القادمة.
أما في مناطق أخرى من الجزائر، فقد ظهرت مقاومات محلية أخرى تحت قيادة قادة مثل الشيخ بوعمامة الذي قاد المقاومة في الصحراء الجزائرية. كانت هذه الحركات بمثابة ردة فعل ضد فرض الهيمنة الاستعمارية، وبذلت جهداً متواصلاً للتصدي لفرنسا على مدار العقود الأولى من الاحتلال.
المطلب الثالث: ثورات الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي
لم تكن المقاومة الجزائرية مقتصرة على منطقة معينة فقط، بل امتدت لتشمل جميع أنحاء البلاد. فكانت ثورات عديدة تندلع بين الحين والآخر ضد القوات الاستعمارية. لم تقتصر هذه الثورات على الجوانب العسكرية، بل امتدت إلى جميع طبقات المجتمع الجزائري، من الفلاحين إلى الحرفيين والمثقفين، مما يعكس طابع المقاومة الشعبية الواسعة ضد الاحتلال الفرنسي. وعلى الرغم من أن هذه الثورات كانت تنتهي في كثير من الأحيان بالفشل أمام القوة العسكرية الفرنسية، إلا أنها كانت تساهم في توعية الشعب الجزائري وتعزيز ثقافة المقاومة المستمرة.
المبحث الثاني: الحركات الوطنية وتطور المقاومة
المطلب الأول: ظهور الحركات الوطنية في بداية القرن العشرين
مع بداية القرن العشرين، بدأت تظهر في الجزائر حركات وطنية تهدف إلى مناهضة الاستعمار الفرنسي، كان من أبرز هذه الحركات حركة الإصلاحات التي أسسها بعض المفكرين الجزائريين مثل فرحات عباس و الشيخ عبد الحميد بن باديس. كانت هذه الحركات تسعى إلى نشر الوعي الوطني بين الجزائريين وتوحيد جهودهم من أجل الحصول على حقوقهم السياسية والاجتماعية. قام الإصلاحيون الجزائريون بالضغط على السلطات الفرنسية من أجل منح الجزائريين حقوقًا أكثر في مجال التعليم والحريات الشخصية.
كما ظهرت حركة حزب الشعب الجزائري الذي أسسه مصالي الحاج في عام 1937، والتي كانت تهدف إلى تعزيز مطالب الشعب الجزائري في تحقيق الاستقلال والحقوق السياسية. لقد كانت هذه الحركات بداية لتشكيل الهوية الوطنية الجزائرية على الصعيد السياسي والثقافي.
المطلب الثاني: إضراب 8 مايو 1945
شهدت الجزائر في 8 مايو 1945 حدثًا مهمًا تمثل في تنظيم إضراب عام للمطالبة بالحريات السياسية والاجتماعية. ولكن الرد الفرنسي كان قاسيًا للغاية، حيث قامت القوات الاستعمارية بقتل الآلاف من الجزائريين في ما عُرف بـ مجزرة 8 مايو 1945. هذه المجزرة كانت بمثابة نقطة تحول فارقة في الحركة الوطنية الجزائرية، حيث تحولت المطالب السلمية إلى مطالب مسلحة. نتيجة لهذا، ازداد الاستياء في صفوف الجزائريين وبدأت الدعوات تتزايد نحو تبني العمل الثوري المسلح ضد الاحتلال الفرنسي.
المطلب الثالث: تأسيس جبهة التحرير الوطني (FLN)
في 1 نوفمبر 1954، تم تأسيس جبهة التحرير الوطني (FLN) كأداة رئيسية لتنظيم الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي. كان هذا التحول في شكل المقاومة خطوة هامة نحو وحدة العمل الوطني بين مختلف القوى السياسية. تبنت جبهة التحرير الوطني الكفاح المسلح كأسلوب رئيسي، بالإضافة إلى الحشد السياسي والإعلامي على الساحة الدولية لنقل قضية الجزائر إلى العالم. وكانت هذه المرحلة بداية لثورة حقيقية تهدف إلى التحرر من الاستعمار الفرنسي.
المبحث الثالث: ثورة التحرير الكبرى 1954-1962
المطلب الأول: بداية ثورة التحرير
بدأت ثورة التحرير الجزائرية في 1 نوفمبر 1954، عندما شنَّت جبهة التحرير الوطني هجمات مسلحة في مختلف أنحاء الجزائر ضد القوات الفرنسية. كانت بداية الثورة محدودة، ولكنها سرعان ما توسعت لتشمل جميع المناطق الجزائرية. كانت جبهة التحرير تهدف إلى تحرير البلاد بشكل كامل من الاستعمار الفرنسي، وتحقيق استقلال الجزائر.
المطلب الثاني: الدعم الدولي للثورة الجزائرية
نظراً لما كانت تحققه الثورة من نجاحات على الأرض، حصلت جبهة التحرير الوطني على دعم سياسي ودبلوماسي من عدة دول، وخاصة من مصر و جمال عبد الناصر، التي قدَّمت الدعم العسكري والمالي للثوار. كما كانت الثورة الجزائرية مصدر إلهام للعديد من الحركات التحررية في مختلف أنحاء العالم.
المطلب الثالث: معركة الجزائر (1956-1957)
تعتبر معركة الجزائر من أبرز المراحل في الثورة الجزائرية. خلال هذه المعركة، خاضت جبهة التحرير الوطني معركة ضارية ضد القوات الفرنسية في الجزائر العاصمة. اعتمدت الجبهة أساليب حرب العصابات في مواجهة الجيش الفرنسي، وكان لهذه المعركة تأثير كبير في تعزيز القضية الجزائرية في المحافل الدولية، حيث أظهرت قدرة الشعب الجزائري على مقاومة الاحتلال باستخدام أساليب غير تقليدية.
المطلب الرابع: اتفاقيات إيفيان 1962
بعد سنوات من المقاومة المستمرة والضغوط الدولية على فرنسا، تم توقيع اتفاقيات إيفيان في 18 مارس 1962، التي اعترفت بحق الجزائر في الاستقلال. وفي 5 يوليو 1962، تم تنظيم استفتاء الاستقلال، الذي أسفر عن نتيجة مؤكدة بأن الجزائر قد حصلت على استقلالها بعد 132 عامًا من الاحتلال.
المبحث الرابع: نتائج حركات التحرر في الجزائر
المطلب الأول: الاستقلال السياسي والاقتصادي
أسفر الكفاح الطويل للشعب الجزائري عن تحقيق الاستقلال في 1962، مما جعل الجزائر دولة ذات سيادة بعد عقود من الاحتلال. كما أصبحت الجزائر جزءًا من الدول المستقلة في شمال إفريقيا، وبدأت عملية بناء الدولة الجديدة التي تواجه العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
المطلب الثاني: التأثير على الحركات التحررية العالمية
كانت الثورة الجزائرية مصدر إلهام للعديد من الحركات التحررية في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث أظهرت قدرة الشعب على مقاومة القوى الاستعمارية الكبرى من خلال الصمود والصبر والتنظيم العسكري الفعال.
المطلب الثالث: التحديات التي واجهت الجزائر بعد الاستقلال
رغم الاستقلال، واجهت الجزائر تحديات كبيرة مثل إعادة بناء الاقتصاد الوطني وتطوير البنية التحتية. كما برزت تحديات في المجال السياسي، حيث ظهرت انقسامات بين الفصائل السياسية المختلفة، مما أثر في الاستقرار الداخلي للبلاد.
الخاتمة:
تمثل حركات التحرر في الجزائر رمزًا للنضال الطويل ضد الاستعمار الفرنسي. من البداية مع مقاومة الأمير عبد القادر، مرورًا بثورة التحرير الكبرى، وصولًا إلى الاستقلال في 1962، أثبت الشعب الجزائري عزيمته وإصراره على تحرير وطنه. هذه الحركات التحررية لم تقتصر على كفاح عسكري فقط، بل كانت أيضًا مناهضة للظلم الاجتماعي والسياسي. وبذلك، فإن الجزائر تظل مثالًا حيًا على قوة المقاومة وعزيمة الشعوب في وجه القوى الاستعمارية.
المصادر:
بن يوسف، عبد الله، الحركات الوطنية الجزائرية: من مقاومة الاحتلال إلى الثورة، دار الفاتح، 2007.
عبد الله، محمد، ثورة الجزائر 1954-1962: التاريخ والأبعاد السياسية، مركز دراسات الشرق الأوسط، 2015.
فهد، سعيد، الجزائر: من الاحتلال إلى الاستقلال، مكتبة نهضة الشرق، 2010.
سالم، عادل، مقاومة الشعب الجزائري للاستعمار الفرنسي: دراسة تاريخية، دار المدى، 2018.
ياسين، جمال، اتفاقيات إيفيان: الطريق إلى الاستقلال الجزائري، مؤسسة الجسر الثقافي، 2012.